
الخزانة الأميركية في مأزق
تشهد الولايات المتحدة جدلًا اقتصاديًا وسياسيًا واسعًا بعد قرار محكمة الاستئناف بإلغاء معظم الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب. هذه الرسوم لم تكن مجرد إجراء تجاري، بل مثلت ركيزة أساسية لدعم إيرادات الخزانة الأميركية، حيث تجاوزت حصيلتها 150 مليار دولار منذ بداية العام، مع توقعات بتخطي 300 مليار بنهايته. إلغاء هذه الرسوم يعني أن الحكومة قد تضطر لرد مئات المليارات من الدولارات للمستوردين، وهو ما حذر منه وزير الخزانة باعتباره تهديدًا مباشرًا للميزانية العامة، قد يعمق عجزها ويزيد الضغط على الدين العام الأميركي.
التأثير الاقتصادي المزدوج
من الناحية الاقتصادية، فإن إلغاء الرسوم يحمل وجهين متناقضين. فمن جانب، ستتأثر الخزانة بخسارة مصدر دخل ضخم قد يتجاوز 3 تريليونات دولار خلال العقد المقبل، مع ارتفاع الحاجة إلى الاقتراض وزيادة عوائد السندات، ما قد يضعف ثقة المستثمرين بالاقتصاد الأميركي. ومن جانب آخر، تخفيف الرسوم قد يؤدي إلى انخفاض تكلفة الواردات، وبالتالي تراجع معدلات التضخم وارتفاع القوة الشرائية للأسر الأميركية. هذا الانعكاس المزدوج يجعل القرار معقدًا، إذ أنه قد يخلق انفراجًا مؤقتًا في الأسعار المحلية، لكنه في المقابل يفاقم أزمة الديون والعجز المالي على المدى الطويل.
الانعكاسات السياسية والتجارية
سياسيًا، يمثل الملف تحديًا للإدارة الأميركية؛ ففقدان الرسوم الجمركية يعني خسارة ورقة ضغط مهمة في المفاوضات التجارية مع الاتحاد الأوروبي وآسيا. ترامب لوّح بإلغاء الاتفاقيات التجارية إذا لم تؤيد المحكمة العليا موقفه، ما يزيد التوتر العالمي ويفتح الباب أمام نزاعات اقتصادية جديدة. في المقابل، تسعى الخزانة لتجنب كارثة مالية قد تضعف مكانة الدولار عالميًا، خاصة مع تراكم الدين العام عند مستويات قياسية. وبين شد وجذب السياسة والاقتصاد، يبقى مصير الرسوم بيد المحكمة العليا، التي سيحدد قرارها مستقبل التوازن المالي والتجاري للولايات المتحدة خلال السنوات القادمة.